فصل: التفسير المأُثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأُثور:

قال السيوطي:
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صدرك (1)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ألم نشرح لك صدرك} قال: شرح الله صدره للإِسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن {ألم نشرح لك صدرك} قال: مليء حلماً وعلماً {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك} قال: الذي أثقل الحمل {ورفعنا لك ذكرك} قال: إذا ذكرتُ ذكرت معي.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن إبراهيم بن طهمان قال: سألت سعداً عن قوله: {ألم نشرح لك صدرك} فحدثني به عن قتادة عن أنس قال: شق بطنه من عند صدره إلى أسفل بطنه فاستخرج من قلبه، فغسل في طست من ذهب، ثم ملئ إيماناً وحكمة، ثم أعيد مكانه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبيّ بن كعب أن أبا هريرة قال: يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوّة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً وقال: «لقد سألت أبا هريرة إني لفي صحراء ابن عشرين سنة وأشهراً إذا بكلام فوق رأسي وإذا رجل يقول لرجل: أهو هو؟ فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح لم أجدها في خلق قط وثياب لم أجدها على أحد قط، فأقبلا إلى يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسّاً فقال أحدهما لصاحبه: أضجعه. فأضجعني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما: افلق صدره فهوّى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له: أخرج الغل والحسد. فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثم نبذها، فطرحها، فقال له: أدخل الرأفة والرحمة فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز ابهام رجلي اليمنى. وقال: اغدوا سلم، فرجعت بها أغدو بها رقة على الصغير ورحمة للكبير».
وأخرج أحمد عن عتبة بن عبد السلمي أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال: «كانت حاضنتي بنت سعد بن بكر».
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {ووضعنا عنك وزرك} قال: ذنبك {الذي أنقض ظهرك} قال: أثقل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شريح بن عبيد الحضرمي {ووضعنا عنك وزرك} قال: وغفرنا لك ذنبك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: في قراءة عبد الله {وحللنا عنك وقرك}.
أخرج الشافعي في الرسالة وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله: {ورفعنا لك ذكرك} قال: لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن قتادة {ورفعنا لك ذكرك} قال: رفع الله ذكره في الدنيا والأخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن عساكر وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال: إذا ذكر الله ذكر معه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {ورفعنا لك ذكرك} قال: إذا ذكرت ذكرت معي ولا تجوز خطبة ولا نكاح إلا بذكرك معي.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن في قوله: {ورفعنا لك ذكرك} قال: ألا ترى أن الله لا يذكر في موضع إلا ذكر معه نبيه.
وأخرج البيهقي في سننه عن الحسن {ورفعنا لك ذكرك} قال: إذا ذكر الله ذكر رسوله.
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني جبريل فقال: إن ربك يقول: تدري كيف رفعت ذكرك؟
قلت: الله أعلم.
قال: إذا ذكرت ذكرت معي»
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عدي بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته.
قلت: أي رب اتخذت إبراهيم خليلاً، وكلمت موسى تكليماً.
قال: يا محمد ألم أجدك يتيماً فآويت، وضالا فهديت، وعائلا فأغنيت، وشرحت لك صدرك، وحططت عنك وزرك، ورفعت لك ذكرك فلا أذكر إلا ذكرت معي واتخذتك خليلاً؟»
.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما فرغت من أمر السموات والأرض قلت يا رب: إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرّمته، اتخذت إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح والشياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال: أو ليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله؟ أن لا أذكر إلا ذكرت معي، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهراً، ولم أعطها أمة، وأعطيتك كنزاً من كنوز عرشي: لا حول ولا قوّة إلا بالله».
وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {ورفعنا لك ذكرك} قال: لا يذكر الله إلا ذكرت معه.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فإن مع العسر يسرا} قال: اتبع العسر يسرا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر بهذه الآية أصحابه فقال: «لن يغلب عسر يسرين».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: {إن مع العسر يسرا} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين».
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ثلثمائة أو يزيدون، علينا أبو عبيدة بن الجراح، ليس معنا من الحمولة إلا ما نركب فزوّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من تمر، فقال بعضنا لبعض: قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أين تريدون وقد علمتم ما معكم من الزاد، فلو رجعتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألتموه أن يزوّدكم، فرجعنا إليه، فقال: إني قد عرفت الذي جئتم له، ولو كان عندي غير الذي زوّدتكم لزوّدتكموه. فانصرفنا، ونزلت {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} فأرسل نبي الله إلى بعضنا، فدعاه، فقال: أبشروا فإن الله قد أوحى إلى {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} وإن يغلب عسر يسرين».
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً وحياله حجر، فقال: «لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه، فأنزل الله: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} ولفظ الطبراني: وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}».
وأخرج ابن النجار من طريق حميد بن حماد عن عائذ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعداً ببقيع الفرقد، فنزل إلى حائط فقال: «يا معشر من حضر والله لو كانت العسر جاءت تدخل الحجر لجاءت اليسر حتى تخرجها، فأنزل الله: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}».
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لوكان العسر في حجر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن مع العسر يسرا}».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الصبر وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود قال: لو كان العسر في حجر لتبعه اليسر حتى يدخل عليه ليخرجه، ولن يغلب عسر يسرين، إن الله يقول: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والحاكم والبيهقي عن الحسن قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فرحاً مسروراً، وهو يضحك ويقول: «لن يغلب عسر يسرين {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: كانوا يقولون لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله: {فإذا فرغت فانصب} الآية قال: إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء، واسأل الله وارغب إليه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {فإذا فرغت فانصب} الآية، قال: قال الله لرسوله: إذا فرغت من صلاتك وتشهدت فانصب إلى ربك واسأله حاجتك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر عن ابن مسعود {فإذا فرغت فانصب} إلى الدعاء {وإلى ربك فارغب} في المسألة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: كان ابن مسعود يقول: أيما رجل أحدث في آخر صلاته، فقد تمت صلاته، وذلك قوله: {فإذا فرغت فانصب} قال: فراغك من الركوع والسجود {وإلى ربك فارغب} قال: في المسألة وأنت جالس.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود {فإذا فرغت فانصب} قال: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {فإذا فرغت فانصب} قال: إذا جلست فاجتهد في الدعاء والمسألة.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فإذا فرغت فانصب} قال: إذا فرغت من أسباب نفسك فصل {وإلى ربك فارغب} قال: اجعل رغبتك إلى ربك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {فإذا فرغت فانصب} قال: إذا فرغت من صلاتك فانصب في الدعاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن الضحاك {فإذا فرغت} قال: من الصلاة المكتوبة {وإلى ربك فارغب} قال: في المسألة والدعاء.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} قال: أمره إذا فرغ من الصلاة أن يرغب في الدعاء إلى ربه، وقال الحسن: أمره إذا فرغ من غزوه أن يجتهد في العبادة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {فإذا فرغت فانصب} قال: إذا فرغت من الجهاد فتعبد. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في السورة الكريمة:

قال عليه الرحمة:
سورة ألم نشرح:
قوله جل ذكره: بسم الله الرحمن الرحيم.
(بسم الله) اسم عزيز عز من التجا إليه، وجل من توكل عليه، وفاز في الدنيا والعقبى من توسل به إليه، فمن تقرب منه قربه ومن شكا إليه حقق له مطلبه، ومن رفع قصته إليه قضى مأربه.
قوله جلّ ذكره: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صدرك}.
ألَمْ نُوَسِّعْ قَلْبَكَ للإِسلام؟ ألم نُليِّنه للإِيمان؟
ويقال ألم نوسع صدرك بنور الرسالة؟ ألم نوسِّع صدرك لقَبُولِ ما نورِدُ عليك.
{وَوَضَعْنَا عَنكَ وزرك الذي أنقض ظهرك} أي: إثمْكَ قبل النبوَّة.
ويقال: عصمناكَ عن ارتكابِ الوِزْرِ؛ فَوضْعُه عنه بأنَّه لم يستوجبْه قطّ.
ويقال: خفضنا عنك أعباءَ النبوَّة وجعلناكَ محمولاً لا متحمِّلاً.
ويقال: قويناك على التحمُّل من الخَلْق، وقوَّيناك لمشاهدتنا، وحفظنا عليك ما استحفظت، وحرسناكَ عن ملاحظة الخَلْقَ فيما شرَّفناك به.
{الذي أنقض ظهرك}: أثقله، ولولا حَمْلُنا عنك لَكُسِرَ.
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذكرك}.
بِذِكْرنا؛ فكما لا تَصِحُّ كلمةُ الشهادة إلا بي، فإنها لا تَصِحُّ إلا بك.
ويقال: رفعنا لك ذكرك بقول الناس: محمد رسول الله!
ويقال: أثبتنا لك شرف الرسالة.
{فَإِنَّ مَعَ العسر يسرا إِنَّ مَعَ العسر يسرا}.
وفي الخبر: «لن يغلب عُسْرٌ يُسْريْن» ومعناه: أن العسر بالألف واللام في الموضعين للعهد- فهو واحد، واليُسْر مُنكَّرٌ في الموضعين فهما شيئان. والعسر الواحد: ما كان في الدنيا، واليسران: أحدهما في الدنيا في الخصب، وزوال البلاء، والثاني في الآخرة من الجزاء وإذاً فعُسْرُ جميع المؤمنين واحد- هو ما نابهم من شدائد الدنيا، ويُسْرُهم اثنان: اليومَ بالكَشْفِ والصَّرْفِ، وغداً بالجزاء.
قوله جلّ ذكره: {فَإِذَا فرغت فانصب}.
{فإذا فرغت} من الصلاة المفروضة عليك {فانصب} في الدعاء.
ويقال: {فإذا فرغت} من العبادة {فانصب} في الشفاعة.
ويقال: {فإذا فرغت} من عبادة نَفْسِك {فانصب} بقلبك.
{وَإِلَى رَبِّكَ فارغب}. في جميع الأحوال.
ويقال: {فإذا فرغت} من تبليغ الرسالة {فارغب} في الشفاعة. اهـ.